جريدة الرياض
04-12-2011 11:50 الرياض الخميس 24 جماد الاخرة 1427هـ العدد 13905
ديوان مسافات العصيمي إضاءات لأفكار إبداعية لا اسمنتية
عرض - صبار العنزي:
من آخر الإصدارات الأدبية التي وزعت في الأسواق مؤخراً ديوان «مسافات» للشاعر ضاوي بن عايض العصيمي من القطع المتوسط وعدد صفحاته (165) صفحة قدم له الشاعر بقوله: لكل محبي الشعر ومتذوقيه وجمهوره أهدي هذا الديوان وأتمنى أن أكون قد وفقت في تقديم ما ينال استحسان ورضا الجميع، وذكر المؤلف انه عمل بشري لا يخلو من التقصير مرحباً بالآرء النقدية والتوجيهية البناءة وقد استهل الديوان بقصائده الوطنية ومنها نختار لكم:
يابومتعب لك محبة في الضماير مستقلة
عشت يا عيون الفقير وعشت يا صقر العروبة
وعاش سلطان الفعول اللي تثبت بالأدلة
الوفاء والطيب والوقفات ساعات الصعوبة
وفي قصيدة أخرى:
يالله تديم الأمن وتعز الحكومة يا كريم
والمنحرف والمنصرف عنا بفعله تذهبه
نسألك في كل البقاع وبين زمزم والحطيم
اترجع الغاوي لرشده وان تمادى تنكبه
وفي نص أدبي متميز ينشد شاعرنا:
تستاهلين الخير يا دار الشرف يا طهر تراب
دار الرسالة والشهامة والكرم عنوانها
دار وهبها الله شباب أخير من خير الشباب
وتحية رجال ترخص الغالي من أجل أوطانها
وصارت رياض للمحبة والوفاء والعلم باب
أمن ورخا وارزاقها تنعم بها سكانها
وقد اختار العصيمي مسافات عنوان لعمله الإبداعي الجميل وكأنه من خلاله يضئ جنبات المطروح من أفكار بقالب إبداعي وبروح شعرية محلقة لا بطريقة البعض النظم الخاوي من المشهد القريب من الجدران الاسمنتية المتشابهة فشاعرنا له نهجه الخاص وتميزه ولعلنا نتجه للقصائد الاجتماعية لنرى كيف صور رؤاه عبر قصيدته «حكم» التي قال فيها:
من لا ينال الطيب في أول شبابه
ماظن يظفر به اليا عارضه شاب
ومن لا يميز في خطاه وصوابه
لو صاب مرة عشر مرات ما صاب
إلى قوله:
حاذور من جحر الخباره ودابه
ترى الوقاية خير من كل الأطباب
ولا تعترض لك عية تبتلابه
دامك معافى لا تعرض للانشاب
وللشاعر أيضاً قصائد زاخرة بثوب الأدب القشيب والروح الطريفة يقول في إحدى قصائده التي تداخل معها كثير من الشعراء:
الورع وامه يبون أشياء ضرورية
والتاجر احتدني من دون دكانه
يقول للفقر في نظرتك ماريه
ودفاتر الدين من شرواك مليانه
العمل يعد بالفعل إضافة للمكتبة الشعبية وللمهتمين في مجمع التراث الأدبي والتعمق في مصطلحاته ومعرفة أساليبه الشعرية والمؤلف شاعر متمكن من نص القصيدة ومتفرد عن الغير في نهجه وعطائه الأدبي واختم لكم عرضي لهذا العمل بهذه الأبيات من الديوان:
انتصر على المتابع بالجلاده والعزايم
ما تروضني مصاعب صمودي من قساها
ماثني الهامه واصارع واكتسب منها غنايم
واعترف روح التحدي والمثابر من جفاها
ما كسر عزمي وتصميمي شدايدها العظايم
ولا نقص من عزتي شح الطعام وقل ماها
مستحيل ارضخ واذل النفس لك لو كنت هايم
ومستحيل انكر واقول النفس ما تملك غلاها
كان لك عندي مكان في صميم القلب دايم
لك لحالك من بداية عرفنا لا منتهاها |
جريدة الرياض
04-12-2011 04:31 الوسم وفوائده أرضاً وبحراً وجواً:
بشروا بالوسم قناية الناقه ... والديار المبطية في تحريها
عداد - صبار العنزي
ذكر الأستاذ عبدالله الدرع أحد المتخصصين في علوم الجغرافيا حول الوسم حول أيامه وقال: يبدأ أول أيامه من يوم 16تشرين أول (أكتوبر) لنهاية يوم 6كانون أول (ديسمبر)، لمدة (52) يوماً. يحل بعده نوء (أربعانية الشتاء) المربعانية. ونوء الوسم (ليس نجما)؛ انما هي صفة، اتصفت بها مجموعة الأيام التي (ينزل فيها المطر)؛ حيث إن ذلك المطر النازل فيها (يسم) الأرض بالاخضرار، فينتج عنه (بفضل الله سبحانه وتعالى) أن ينبت: الفقع، والشيح، والروض، والنفل، وكافة الأعشاب البرية. لذلك قالوا عنه (وسما). وقد قال الشاعر عبدالله الصقري العتيبي في هذه الأبيات التي تصور مواقيته:
هبت هبوب الوسم وابرد به الجو
والقيض قفا وانخفض بالحراره
الوسم شرف وانتشر بالسما النو
والوبل نازل من طهاه ابغزاره
نواً عريض مدلهم ضفا تو
فيه الرعد والبرق يوضي مناره
كما نجد أن جيل الشباب من الشعراء تعاملوا وفق معطياتهم وبلغتهم الشفافة المسكونة بالحس الأدبي الراقي مع الوسم وانعكاساته الجميلة على الأرض والحلال يقول الشاعر ضاوي العصيمي:
بشروا بالوسم قناية الناقه
والديار المبطيه في تحريها
جابه اللي يكرم الخلق بارزاقه
ويحيي الديره بعد موت افاعيها
أرسله رحمه لبدو على فاقه
بالدعا ترفع يديها لواليها
جاهز سراً بتدبير خلاقه
ليلته من عصر للفجر محييها
بالبروق اللي على ساق لهاقه
في مقاديم المزون ومثانيها
تنتهب نوم المولع من احداقه
والقلوب تتلها من عروايها
صبح غدرانه تطارخ وصفاقه
والطيور مغرده في شواطيها
يصبحون البدو للطرش سواقه
والمزارع ما لهم لذة فيها
في مجاكر والمغاتير سبّاقه
كلها تطوي البسيطة بأياديها
والوسم مطر إذا نزل على البحر فإن قطرات المطر لا تختلط بماء البحر ولكنها تنزل إلى أن تصل إلى قاع البحر فإذا وقعت داخل المحار وكانت تلك المحار من النوع الأنثى فإنها مباشرة تغلق عليها حيث تبدأ مرحلة تكون ونمو حبة اللؤلؤ وبعد انتهاء فترة التكوين والتي يعرف الغواص متى تكون يقوم الغواص بالغوص واستخراج المحارة الأنثى واستخراج اللؤلؤة منها وتتضح فائدته بأنه ليس للأرض والحلال وملاكه بل حتى للبحر ومرتاديه من الصيادين أما سماؤنا فإن منظر الغيوم وهطول الأمطار تضفي على روعتها مزيدا من الجمال.
|
حريدة الرياض
04-04-2011 10:35 جريدة الرياض بتاريخ الخميس 23 رجب 1427هـ العدد 13933
(( شاعر يصنع من الأحداث الصغيرة والعابرة الروعة والجمال ))
كانت قصيدة «ونيت البدو» هي أول قصيدة اطلع عليها من انتاج الشاعر ضاوي العصيمي، وقد دفعتني تلك القصيدة إلى البحث عن قصائد العصيمي، والحرص على الاطلاع عليها بقدر ما تسمح لي الفرصة؛ وبعد ذلك كونت فكرة عن ضاوي العصيمي مضمونها هو انه شاعر مبدع وقادر على أن يخلق من الأحداث الصغيرة والعابرة - التي قد تمر على كل واحد منا - قصائد في غاية الروعة والجمال، فعلى سبيل المثال نجده قد أبدع لنا بعد زيارته لعيادة طبيب العيون قصيدة جميلة اسمها «لعبة الدكتور»، ويقول في تلك القصيدة:
يوم ابتدت لعبة الدكتور بعيوني
وحضر جهازه وأدواته مبريها
سألت ربي ذليل شاحب لوني
يا لله وداعتك بعيوني.. وتشفايها
أخاف من «ليزره» لا يخترق نوني
وإلا خطا يرخي المشرط ويعميها
ويعبّر الشاعر بعد هذه الأبيات عن خوفه من فضول الطبيب، وخوفه من أن يدفعه فضوله إلى البحث عن الأسرار التي تحتفظ بها عيناه، وأهمها بالنسبة له هي صورة المحبوبة، ويوصيه بأن يحرص على سر تلك الصورة العزيزة التي احتفظ بها وخبأها عن أعين الناس إن قدر له أن يجدها، وألا يفشي سرها لضعاف النفوس، ويذكره في ختام القصيدة بأن الأمانة هي أبرز الأمور التي ينبغي أن يلتزم بها الطبيب:
سري وداعتك وانت اليوم ماموني
مهنتك معنى الأمانة وانت راعيها
استر ما واجهت يا دكتور بعيوني
تكسب جميله وأنا ماني بناسيها
٭ ومن قصائد ضاوي الجميلة التي يقوم بناؤها على حدث بسيط أيضاً، قصيدة «ونيت البدو» التي أشرنا إليها سالفاً، فهذه القصيدة تصور لقاء عابراً جرى بين الشاعر وبين «بدوية» صادفها الشاعر تقود سيارتها، ويقول العصيمي في مطلع تلك القصيدة:
يا ونيت البدو ما شفت أنا مثلك ونيت
فارق شكلك ولونك ومشيك بختره
والله إني من لمحتك على الضيحه دريت
إن باللوحات تصدير والسايق «مره»
وفز لك قلبي على غير عاداته وجيت
جيت حتى دقت المنظره بالمنظره
إضافة إلى التصوير الجميل لذلك اللقاء العابر، ووصف الشاعر للمشاعر والاحاسيس التي انتابته أثناء لقائه بتلك البدوية التي يصفها بأنها «تغرق أعتل شنب» في بحرها، ينقل لنا العصيمي الحوار القصير والمكثف الذي دار بينه وبينها، حيث يقول:
قال خير؟ وقلت طرقي على نارك ضويت
قال حدك لا تعداه والهرج اقصره
قلت أنا بنشدك عن شيء لكني نسيت
لا على فكره... ضحاياك في كم مقبره؟
قال: عفواً يا غريب تماديت وغويت
المزون المقفية مزنها لا تسبره
٭ أما القصيدة التي أود الوقوف معها قليلاً فهي قصيدة «أفكار»، ليس لأنها أفضل قصائد العصيمي واجملها، ولكن لأنها حظيت باهتمام وقبول كبيرين من قبل المتلقين، وقام عدد من الشعراء بالتفاعل معها ومجاراتها؛ فلو نظرنا إلى هذه القصيدة لوجدنا عدة خصائص أو سمات يمكن لنا القول بأنها أسهمت إسهاماً كبيراً في نجاحها؛ ولعل أبرز تلك السمات هي اللغة البسيطة التي استخدمها الشاعر، فلغة هذه القصيدة وقافيتها أيضاً توحي للمتلقي بأن الشاعر قد أبدعها بشكل عفوي وتلقائي، وهذه السمة سمة رئيسية تميز العديد من القصائد التي تتناول مواضيع وقضايا الواقع الاجتماعي، يقول العصيمي في مطلع تلك القصيدة:
قالوا نبي من قصايدك الغراميه
قلت الهوى والغزل قفلت بيبانه
أنا من الليله أفكاري اسمنتيه
حديد وبلك واسمنت وخرسانه
ولا عاد لي هم شاغل غير هاذيه
قواعد البيت وجسوره وعمدانه
إلى جانب اللغة البسيطة والعفوية لهذه القصيدة، استطاع العصيمي تصوير معاناته مع البناء بأسلوب جميل يجمع بين الجد وبين الفكاهة، ونقل لنا مراحل معاناته من بداية حلمه بامتلاك «فيلا» تشبه «الدانه»، وصولا إلى المرحلة التي تحطمت فيها تلك الأحلام «الوردية»، وأصبح هدفاً لألسنة الشامتين وسخريتهم:
أحلم بفلا على ذوقي خياليه
تكون بين المباني كنها دانه
أنسى بها أيامي اللي شيبت فيه
ويصير لي مع هوامير البلد خانه
أحلام مير الحقايق جات عكسيه
وأصبحت مديون والجيران ديانه
ومن السمات التي أضفت على هذه القصيدة طابع الحيوية والمرح قدرة الشاعر على نقل المواقف والشخصيات التي تعامل معها إلى المتلقي بصورة واضحة، حيث نستمع في هذه القصيدة إلى أصوات عديدة أبرزها صوت المقاول الذي غيّر من تعامله، وتحول إلى ما يشبه الوحش بعد نفاد أموال الشاعر:
وقام المقاول يهدر وتضرس لحيه
باحت فلوسي وقام يحد نيبانه
من عقب ماني بعمه نعنبو حيه
اليوم ما كني إلا ضمن صبيانه
إن قلت راع الظروف وزين النيه
وإصبر ويا صلك حقك.. حومر أعيانه
قال: إيه هاذي سواليف الحراميه
هات الدراهم ترى الأخلاق تعبانه!
ويستمر الشاعر بعد هذه الأبيات في شرح معاناته، وينقل لنا كذلك صوت التاجر الذي منعه من أخذ ما يحتاج إليه بحجة ان دفتر الديون قد امتلأ بديون أمثاله من الفقراء:
عودت أعزم وأروح للشريطيه
وآخذ ونيتين والتقسيط بثمانه
وأعطي المقاول ثمنها شبه جبريه
والراتب أقساط من راسه لكرعانه
والورع وأمه يبون أشياء ضرورية
والتاجر احتدني من دون دكانه
يقول للفقر في نظرتك ماريه
ودفاتر الدين من شرواك مليانه
وعودت لا جبت لاهاذي ولا ذيه
وعزي لمن راح وانكف ما قضى شانه
ويصور لنا الشاعر أيضاً معاناته بعد تخلي المقاول عنه، وينقل لنا صوت بعض الشامتين، الذين تهكموا من وضعه ومن معاناته مع البناء:
مغير أروح بهم في كل عصريه
للبيت ونمتر الأضلاع وأركانه
ونحاول نعيش وسط أحلام ورديه
ما بين غرفة فلان وغرفة فلانه
وإن مرنا من جماعتنا الزراويه
لا شافني قال ذا ضاوي وورعانه!
يبغى الفوائد وحوّل له بدهويه
وقام يتهكم وفيّ يجرب السانه
٭ وقد تكون هناك عوامل أخرى لم أفطن لها - غير العاملين اللذين ذكرتهما وهما بساطة اللغة وتعدد الأصوات - ساهمت في نجاح هذه القصيدة، وكما نلاحظ من هذه القصيدة، ومن القصيدتين اللتين استعرضنا بعض أبياتهما، فالشاعر ضاوي العصيمي شاعر مبدع، وشاعر يمتلك القدرة على خلق الشعر الجميل والنابض بالحياة؛ ولا نجد في شعره عموماً أي قصيدة «اسمنتيه» جامدة هامدة، بل نجد قصائد رائعة تحمل روح الشعر ونبضه، ونجد شاعراً لا يقلد الآخرين، بل يسعى إلى تكوين أسلوب خاص به في مجال الإبداع الشعري.
بداح بن فهد السبيعي
جريدة الرياض |
|